بات فريق ريال مدريد علامة استفهام كبرى في الأوساط الرياضية بعدما فشل في تجاوز دور الستة عشر من دوري الأبطال الأوروبي للمرة السادسة على التوالي، لتستعصي عليه ما عرفت في السابق ببطولته المفضلة على الرغم من أكثر من 250 مليون يورو أنفقتها إدارته لانتزاع اللقب القاري العاشر.
وأثار التعادل الإيجابي أمام ليون الفرنسي بهدف لمثله الأربعاء عدة تساؤلات من بينها عجز الريال عن هزيمة هذا الخصم بالتحديد، ولكن أهمها يبقى عن هوية المسئول عن تكرار الإخفاق عاما وراء آخر وتجدده في عام شهد حشدا مهولا من جانب الإدارة لاقتناص كأس المسابقة في النهائي الذي سيقام بالقلعة المدريدية سانتياجو برنابيو.
وذهبت الصحف الإسبانية المعروفة بميلها إلى اللون الأبيض إلى الفريسة الأسهل وهي المدرب التشيلي مانويل بيليجريني الذي لم يكن قد هنأ بعد باستعادة صدارة الدوري من الغريم برشلونة السبت الماضي حتى فوجئ بالسكاكين تسن من جديد لذبحه بعد الإقصاء الأوروبي.
وخرجت صحيفة "ماركا" عبر موقعها الإلكتروني عقب المباراة بعنوان لخص ذلك، قائلة "وداعا دوري الأبطال.. وداعا بيليجريني"، وهو قول قد يعبر عن رغبة الصحيفة في التخلص من مدرب هادئ كالمهندس التشيلي، واستقدام اسم كجوزيه مورينيو الذي سيكون تعيينه يوم سعد على الصحف حيث ستضمن حينها مبيعات أعلى بفضل الطبيعة الإعلامية للمدرب البرتغالي.
ويبقى الاسم الذي لم يطرح للمساءلة بعد هو رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز الذي غطى الإعلام، عن طريق الحديث عن صفقاته، على إخفاقاته الأخرى المتمثلة في التفريط في مجموعة من اللاعبين المميزين بغرض تغطية كلفة التعاقد مع كاكا وكريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة.
ولم يدر بيليجريني وهو ينفق الملايين أن تغيير هيكل الفريق بالكامل سيصعب مهمة الفوز ببطولة كدوري الأبطال في أول موسم للمجموعة تحت قيادة مدرب جديد وفي غياب عناصر فعالة في المواسم السابقة مثل الثنائي الهولندي أريين روبن وفيسلي شنايدر اللذين يتألقان الآن بشكل لافت مع بايرن ميونيخ وإنترناسيونالي.
ويبدو أن الرئيس لم يتعلم من دروس الماضي، فالاستثمار ليس مرادفا للنجاح الرياضي كما أثبتت تجربته السابقة حين شكل فريق النجوم الذي حصد الألقاب قبل أن يدخل نفقا مظلما دفع بيريز نفسه إلى الاستقالة في 2006 معترفا بحاجة النادي الملكي إلى فكر جديد.
وعلى الرغم من أن رحيل بيريز جاء بشخص لا يختلف عنه كثيرا هو رامون كالديرون الذي ترك المنصب الموسم الماضي بفضيحة في تشكيل الجمعية العامة للإدارة، إلا أن الرجل الذي كانت صفقاته أقل ضجيجا أتت ثمارها ولو على المستوى المحلي بإحراز لقبين للدوري الإسباني بعد غياب أربع سنوات.
ولكن كالديرون سار على نهج بيريز الذي يريد كل شيء من المدرب، فأقال الإيطالي فابيو كابيللو بعد فوزه بدوري 2007 وأطاح بخلفه الألماني برند شوستر في ثاني موسم له بعد الاحتفاظ بالليجا، وهو ما يبدو مقاربا للغاية لما فعله بيريز في 2003 حين رفض تجديد تعاقد المدرب فيسنتي ديل بوسكي الذي أحرز الريال تحت قيادته آخر لقبين في خزائنه لدوري الأبطال.
وفي حال ما استجاب بيريز لضغوط الإعلام المدريدي وأقدم على إقالة بيليجريني بنهاية الموسم، فإنه سيكون قد حرم الفريق من أهم عنصر افتقده على مدار السنوات الماضية وهو الاستقرار الذي قد يجعل مهمة الفوز بدوري الأبطال أقل صعوبة في المواسم المقبلة مقارنة بتجارب الآخرين.
فعلى مدار العقد الماضي، أثمر الاستقرار الفني عن فوز بايرن بلقب دوري الأبطال 2001 على يد الجنرال أوتمار هيتسفيلد، كما ردت إدارة ميلان على منتقدي الإبقاء على المدرب السابق كارلو أنشيلوتي بإحراز لقبي 2003 و2007 في حين كان طبيعيا أن يقود سير أليكس فرجسون فريقه مانشستر يونايتد إلى لقب في 2008 هو الثاني له بعد أكثر من عقدين على توليه مهام منصبه.
بل إن مورينيو ذاته قاد بورتو إلى لقب 2004 بعد عامين في منصبه، ولكن يبدو أن فوز برشلونة بسداسية تاريخية العام الماضي في أول موسم للمدرب الشاب بيب جوارديولا قد أثار غيرة مسئولي الريال الذين غضوا الطرف عن حفاظ الفريق الكتالوني على هيكله وعدم تفريطه في نجومه الرئيسيين: تشابي وأندريس إنييستا وليونيل ميسي.
ويبقى الاستغناء عن بيليجريني، الذي رفض الاستقالة رغم تصريحه بتحمل مسئولية الخروج أمام ليون، أسوأ قرار من الممكن أن يلجأ إليه بيريز في نهاية الموسم سواء فاز الريال بلقب الليجا أم أخفق في ذلك